أن يؤمن المسلم بربوبيّة الله: وذلك باعتقاده اعتقاداً تامّاً أنّ الله -تعالى- هو خالق العباد، وهو المدبّر لشؤونهم، وهو المنفرد برزقهم وإحيائهم وإماتتهم، ولا أحد يشاركه في ذلك، قال تعالى: (أَلا لَهُ الخَلقُ وَالأَمرُ تَبارَكَ اللَّـهُ رَبُّ العالَمينَ) [٥] أن يؤمن المسلم بألوهيّة الله: وهو توحيد العبادة، والمقصود فيه أن يُفرد المسلم الله -تعالى- بالعبادة، وهنا تكون العبادة بشتّى أنواعها لله، وليست لأحد سِواه. أن يؤمن المسلم بصفات الله -تعالى- وأسمائه: فأسماء الله -تعالى- تتضمن كذلك على صفاته، فعلى سبيل المثال اسم الله الكريم، فيه صفة الكرم، واسمه الرّحمن تشتقّ منه صفة الرّحمة، وصفات الله -تعالى- لا تشبه صفات أيّ أحد من الخلق، فعلى المسلم أن يؤمن بهذه الأسماء والصفات التي أثبتها الله في كتابه، أو أثبتها له رسوله صلى الله عليه وسلم. الوسائل المعينة على تقوية الإيمان حتّى يكون إيمان المسلم قويّاً، وثابتاً، وراسخاً في قلبه، هناك بعض الوسائل التي لو اتّبعها زادت قوّة إيمانه، وفيما يأتي ذكرٌ لبعض هذه الوسائل: [٦] اتّقاء الله: وذلك بالالتزام بفعل ما أمر الله -تعالى- به، والامتناع عن فعل ما نهى عنه، فيعبد المسلم الله ويطيعه، ويحذر من ارتكاب المعاصي والذّنوب، ويستحضر فكرة أنّ الله -تعالى- يراقبه ويعلم ما يفعل في سرّه وجهره، وكلما زاد المسلم من فعل الطّاعات ؛ قَوِيَ إيمانه وزاد، وكلّما ارتكب مزيداً من المعاصي والذّنوب؛ نقص إيمانه.
الحمد لله القَدَر: تقدير الله تعالى لكل ما يقع في الكون ، حسبما سبق به علمه ، واقتضته حكمته. والإيمان بالقدر يتضمن أربعة أمور: الأول: الإيمان بأن الله تعالى علم بكل شيء جملةً وتفصيلاً ، أزلاً وأبداً ، سواء كان مما يتعلق بأفعاله سبحانه أو بأفعال عباده. الثاني: الإيمان بأن الله تعالى كتب ذلك في اللوح المحفوظ. وفي هذين الأمرين يقول الله تعالى: ( أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ) الحج/70. وفي صحيح مسلم (2653) عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( كَتَبَ اللَّهُ مَقَادِيرَ الْخَلائِقِ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِخَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ) وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ( إِنَّ أَوَّلَ مَا خَلَقَ اللَّهُ الْقَلَمَ فَقَالَ لَهُ: اكْتُبْ. قَالَ: رَبِّ ، وَمَاذَا أَكْتُبُ ؟ قَالَ: اكْتُبْ مَقَادِيرَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ) رواه أبو داود (4700). وصححه الألباني في صحيح أبي داود. الثالث: الإيمان بأن جميع الكائنات لا تكون إلا بمشيئة الله تعالى.
الأدلة من السنة النبوية: لقد تضافرت الأدلة من السنة المطهرة على الإيمان بالقضاء والقدر، ومنها: يقول -صلى الله عليه وسلم- في حديث جبريل الطويل: "وتُؤْمِنَ بالقَدَرِ خَيرِهِ وَشَرِّهِ"، وقال -صلى الله عليه وسلم-: "وَاعْلَمْ أَنَّ مَا أَصَابَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَكَ، وَمَا أَخْطَأَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَكَ". وقال -صلى الله عليه وسلم-: "وَإِنْ أَصَابَكَ شَيْءٌ؛ فَلَا تَقُلْ: لَوْ أَنِّي فَعَلْتُ كَذَا وَكَذَا، وَلَكِنْ قُلْ: قَدَّرَ الله وَمَا شَاءَ فَعَلَ"، وقال -صلى الله عليه وسلم-: "كُلُّ شَيْءٍ بِقَدَرٍ حَتَّى الْعَجْزُ وَالْكَيْسُ"، وغير ذلك من الأحاديث الكثيرة.
بطارية الفورد كم امبير, 2024